لاراضيف... مجهودات مستمرة لترشيد استهلاك الماء وضمان الأمن المائي

لاراضيف... مجهودات مستمرة لترشيد استهلاك الماء وضمان الأمن المائي

في السنوات الأخيرة، واجهت المملكة المغربية تحديات بيئية متزايدة، تتجلى في توالي سنوات الجفاف وندرة الموارد المائية، مما يفرض تكثيف جهود جميع الجهات الفاعلة لضمان تدبير عقلاني ومستدام لهذا المورد الحيوي. وفي هذا السياق، تواصل الوكالة المستقلة الجماعية لتوزيع الماء والكهرباء بفاس التزامها بمواجهة هذه التحديات من خلال نهج إستراتيجية متكاملة ومترابطة بهدف ترشيد استهلاك الماء وضمان استمرار تزويد الساكنة بهذه الخدمة الأساسية في أفضل الظروف.

في إطار جهودها لتعزيز البنية التحتية وتحقيق الفعالية القصوى في مجال توزيع الماء الصالح للشرب ، تطلق "لاراضيف" سلسلة من الإجراءات التقنية الرائدة التي تهدف إلى تقليص نسب الهدر المائي ومكافحة التسربات التي تسبب استنزافًا كبيرًا للموارد المائية قبل وصولها إلى المستهلك النهائي.

من أهم الخطوات المتخذة في هذا الصدد نذكر عمليات البحث الدقيق والتنقيب عن التسربات الباطنية، باستخدام أجهزة ومعدات متطورة وأدوات استشعار دقيقة تمكن من رصد التسربات غير المرئية تحت الأرض. وبمجرد اكتشافها، تقوم فرق التدخل السريع بإصلاحها، مما يساعد على توفير كميات كبيرة من المياه ويساهم في تحسين مردودية الشبكة.

كما تقوم "لاراضيف" بوضع عدادات كهرومغناطيسية ذكية على مستوى الشبكة الثانوية تتيح بشكل دقيق وآني قياس كمية المياه المستهلكة والمفقودة، مما يمكن من مراقبة الأداء الكلي للشبكة واكتشاف أي اختلالات محتملة في تدفق المياه.

ولتعزيز فعالية التدخلات التقنية، يتم تركيب أجهزة كشف صوتية. تُنبه هذه الأجهزة فرق التدخل بشكل فوري عند اكتشاف أي تسرب مائي، مما يُقلل من مدة ضياع الماء. كما تقوم الوكالة كذلك بوضع منظمات الضغط مزدوجة التحكم على مستوى الشبكة من أجل تخفيف الضغط على الشبكة خلال فترات الليل مما يساهم في حماية البنية التحتية من الأعطاب الناتجة عن الضغط الزائد.

ومن أجل تقوية وإعادة تأهيل شبكة الماء الصالح للشرب وضمان استمراريتها، تعطي الوكالة المستقلة الجماعية لتوزيع الماء والكهرباء بفاس أهمية كبرى لأشغال إصلاح وتجديد قنوات التوزيع المتقادمة وفقًا للمعايير المعمول بها. كما تم إحداث نظام تحكم عن بُعد من خلال المكتب المركزي لتسيير شبكة الماء الصالح للشرب الذي يضمن مراقبة آنية ودقيقة للشبكة واتخاذ قرارات فورية بناءً على البيانات والمعطيات الواردة.

وفي نفس الوقت، وبالتوازي مع الجهود التقنية المبذولة، تواصل "لاراضيف" برامجها الهادفة لتأطير وتحسيس المواطنين بأهمية ترشيد استهلاك الماء، من خلال تنظيم حملات توعية تستهدف مختلف شرائح المجتمع، وذلك عبر توزيع منشورات ومطويات توعوية، وتنظيم أنشطة تربوية بالمؤسسات التعليمية، وكذا بث منشورات تحسيسية وتوعوية عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية.

وتتركز هذه الحملات على ترسيخ وتبسيط مفاهيم الاستخدام المعقلن للموارد المائية وتقديم نصائح سهلة وعملية مثل ترشيد استعمال المياه في السقي والتنظيف وإصلاح التسربات المنزلية، مع التأكيد على أن كل شخص يمكنه المساهمة بشكل فعال في الحفاظ على هذا المورد الحيوي المهم.

وتندرج هذه الاستراتيجية ضمن رؤية شمولية للوكالة تهدف إلى ترسيخ مبادئ الحكامة البيئية المستدامة، إذ لا يقتصر عمل الوكالة على الشق التقني فقط، بل يشمل كذلك رفع مستوى الوعي لدى المجتمع المحلي بأهمية تحمل المسؤولية الجماعية فيما يتعلق بموضوع الماء باعتباره موردًا ثمينًا ونادرًا. كما تسعى الوكالة كذلك إلى تعزيز شراكاتها مع الجماعات المحلية، والمؤسسات التربوية، والمجتمع المدني من أجل تعبئة جماعية أكثر فعالية.

وفي الختام، يمكن الإشارة إلى أن "لاراضيف" تقدم نموذجًا ناجحًا لكيفية تدبير الماء كمورد أساسي، وذلك من خلال دمج التكنولوجيا والوعي المجتمعي في مسار واحد، يصب نحو تحقيق هدف رئيسي ألا وهو حماية الموارد المائية والحفاظ على التوازن بين الطلب المتزايد على المياه وضمان استمرار هذه الخدمة الحيوية للأجيال القادمة.